من وجهة نظري, لا يختلفُ الحل لمشكلة التغلب على رهبة الكتابة عن ذلك الحل لمشكلة التغلب على رهبة التحدث بالفصى (لا أعني الكتابة بالفُصحى; بل المُحادثة بها). عندما التقيت بالكثير من الطلبة الصينيين ممن يدرسون العربية; كنت أحترم فيهم اتقانهم للفصحى أكثر مما نتقنها محادثةً, نحنُ أهل اللغة وأصحابها. شخصياً, أحمدُ الله كثيراً على نعمة أن بوسعي المحادثة بالفصحى بمنتهى الطلاقة والسلاسة. عندما كنت أحادثهم بالفصحى – وقد كانت اللغة المشتركة الوحيدة بيننا – كنت أدرك دائماً وعلى مدار شهرين من إقامتي هناك; أن مشكلتنا نحنُ العرب تجاه التحدث بالفصحى ورهبتها هو نابعٌ أساساً من سخريتنا منها! كنت أحسُّ بتلك السخرية من بعض الزملاء العرب بينما أحدث هؤلاء الطلبة بالفُصحى, وكأن مخلوقاً فضائياً قد هبط من المريخ وسطهم وتحدث بلغة غريبة عجيبة عليهم ولكن لها إيقاع مضحك; هذا فقط على حد سخريتهم.
والنتيجة: إذا ليس بوسعنا احترام لغتنا; فليس من الممكن أبداً التغلب على رهبتها. ناهيك أنه من المشين حقاً, أننا نبحثُ عن حلول للتغلب على رهبتها! والأكثر حزناً, هو وجود تلك الرهبة من أساسها.
بالمقارنة; يمكنك الاستنتاج كيف سيبدو الحل المشترك: رهبة الكتابة بالفصحى (أو الكتابة عموماً) ورهبة المحادثة بها. ولكنني سأضيف الآتي للتغلب على المشكلة الأولى:
كلما تقرأ أكثر, كلما يكون بوسعك التغلب عليها أكثر. إذا كنت مدوّناً, فإن قراءتك ومتابعتك للكثير من المدونات التي تنشر بالفصحى (وبفصحى جيدة) سيكسبك مهارة الكتابة وسيساعدك في التغلب على رهبتها …
لا يمكن أن تتغلب على المشكلة إذا لم تبدأ بالكتابة. وإذا بدأت, فيجب أن تستمر, وإذا تستمر فيجب أن تخطىء وأن تتعلم.
عندما تشرع في كتابة تدوينة أو مقال; لا تفكر أبداً كيف سيفهمك القراء؟ ما سيقولون عنك؟ ما هي الإنطباعات السيئة؟ كيف سيعلقون على كتاباتك؟ هل سيؤيدون وجهة نظرك ام هل سيعارضونها؟ هل سيعلق عليها أحدهم أم ستبقى بدون مناقشات أو تعليقات …
نعم, كلما زاد عدد الكلمات في مقالك; كلما زادت أخطاؤك. ولكن بالمقابل, كلما زاد انتاجك; كلما تطورت مهاراتك وكلما تجاوزت حاجز الرهبة.
لا تفكر في الأخطاء الإملائية وأخطاء اللغة وقواعدها. ما دمت تفكر في هذا وتخشاه; فلن تتمكن من اجتياز هذا الحاجز. بكل بساطة: وبالمقابل, كلما قرأت وكتبت كلما تطورت مهاراتك اللغوية والتعبيرية. الأخطاء, يمكن تجاوزها مع الأيام. فقط ابدأ!
أجب نفسك على السؤال الآتي: لماذا أكتبُ؟ (ما هي أهدافي؟)
هل لك تجربة مع رهبة الكتابة؟ كيف تخلصت منها؟
منقول