هو معاذ بن الحارث بن رفاعة بن الحارث بن سواد الأنصاري المعروف بابن عفراء وهي أمه شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم).(1)
إسلامه:
لما حضر الموسم (موسم الحج) حج نفر من الأنصار منهم معاذ بن عفراء وأسعد بن زُرَارة. وأتاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأخبرهم خبرهم الذي اصطفاه الله به من نبوته وكرامته وقرأ عليهم القرآن فلما سمعوا قوله أنصتوا واطمأنت أنفسهم إلى دعوته وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب من ذكرهم إياه بصفته وما يدعوهم إليه فصدقوه وآمنوا به وكانوا من أسباب الخير(2) ودخل نور الإيمان إلي قلب معاذ ( رضي الله عنه )، وبدأ يقدم روحه وكل ما يملك في سبيل الله ( عزوجل ).
وآخى رسول الله { صلى الله عليه وسلم} بين معمر بن الحارث ومعاذ بن عفراء.
أهم ملامح شخصيته:
تميز معاذ بن عفراء بالشجاعة وحب التضحية فى سبيل الله.
وله موقف يسجله التاريخ للصحابي الجليل ففي غزوة بدر الكبري، موقف يظهر فيه شجاعة معاذ بن عفراء ( رضي الله عنه ) يقول: سمعت القوم وهم في مثل الحرجة وأبو جهل فيهم وهم يقولون: أبو الحكم يعني أبا جهل لا يخلص إليه. فلما سمعتها جعلته من شأني فقصدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة عظيمة فطنت قدمه بنصف ساقه. وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي. وأجهضني القتال عنه. ولقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني وضعت قدمي عليها وتمطيت حتى طرحتها.(3)
كذلك تميز معاذ بن عفراء ( رضي الله عنه ) بحبه النبى {صلى الله عليه وسلم} والدليل على ذلك ما يرويه لنا سيدنا عبد الرحمن بن عوف يوم بدر.
فعن عبد الرحمن بن عوف قال إني لواقف في الصف يوم بدر فنظرت عن يميني وعن شمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما فتمنيت لو كنت بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل قلت نعم فما حاجتك إليه قال أنبئت أنه يسب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سواده سوادي حتى يموت الأعجل منا فغمزني الآخر فقال لي قوله قال فعجبت لذاك قال فلم ألبث أن رأيت أبا جهل في الناس قال فقلت لهما ألا تريان ها ذاك صاحبكما الذي تسألان عنه قال فابتدراه بسيفيهما يغربانه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأخبراه فقال أيكما قتله فقال كل واحد منهما أنا قتلته فقال هل مسحتما بسيفيكما قالا لا قال فنظر رسول الله {صلى الله عليه وسلم} السيفين فقال كلاكما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح قال والرجلان معاذ بن الجموح ومعاذ بن عفراء.(4)
وجاء في الروض الأنف أن الذي قتل أبا جهل معاذ ومعوذ ابنا عفراء "وأصح من هذا كله حديث أنس حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يأتيني بخبر أبي جهل الحديث وفيه أن ابني عفراء قتلاه". ومن هنا يكون اشتراك معاذ بن عمرو بن الجموح في قتل أبي جهل بعيد.
من مواقفه مع الصحابة:
كان عمر يأمر بحلل تنسج لأهل بدر يتنوق فيه، فبعث إلى معاذ بن عفراء حلة فقال لى معاذ: يا أفلح بع هذه الحلة، فبعتها له بألف و خمسمائة درهم، ثم قال: اذهب فابتع بها رقاب، فاشتريت له خمس رقاب، ثم قال: والله إن امرأ اختار قشرين - يلبسهما - على خمس رقاب يعتقها لغبين الرأى، اذهبوا فأنتم أحرار فبلغ عمر أنه لا يلبس ما يبعث به إليه فاتخذ له حلة غليظة أنفق عليها مائة درهم، فلا اتاه بها الرسول قال: ما أراه بعثك بها إلى، قال، بلى، فأخذ الحلة فأتى بها عمر فقال: يا أمير المؤمنين بعثت إلى بهذه الحلة؟ قال: نعم، إن كنا لنبعث إليك بالحلة مما نتخذ لك ولإخوانك، فبلغنى أنك لا تلبسه، فقال: يا أمير المؤمنين إنى وإن كنت لا ألبسها فإني أحب أن يـأتى من صالح ما عندك فأعاد إليه حلته.
ومما روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن نصر بن عبد الرحمن عن جده معاذ أنه طاف مع معاذ بن عفراء فلم يصل فقلت ألا تصلي فقال إن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال: لا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس ولا بعد الصبح حتى تطلع الشمس.(5)
وفاته:
عاش معاذ بن عفراء إلى زمن عثمان وقال خليفة بن خياط في موضع آخر وقد مات معاذ بن عفراء في خلافة علي بن أبي طالب.(6)