أما بعد أيها المصاب بعقله المورط بجهله ,البين سقفه ,الفاحش غلطه,العاثر في ذيل اغتراره,الأعمى في شمس نهاره,الساقط سقوط الذئاب على الشراب,المتهافت تهافت الفراش في الشهاب,فإن العجب أكذب,ومعرفة المرء نفسه أصوب ,وانك راسلتني مستهديا من صلتي ما صفرت منه أيدي أمثالك,متصديا من خلتي لما قرعت دونه أنوف أشكالك,
ولست أول ذي همة دعته لما ليس بالنائل,
إن المرء لفظ أنت معناه والإنسانية اسم أنت جسمه وهيولاه,قاطع و ظاناً انك استأثرت بالجمال وانفردت بالكمال ,واستعليت بمراتب المجلال,واستوليت على محاسن الخلال, حتى خليت أن يوسف-عليه السلام-حاسنك فغضضت منه,وان امرأة العزيز رأتك فسلت عنه,وان قارون أصحاب ما كنزت, وكسرى حامل غاشيتك, وقيصر رعى ماشيتك,والاسكندر قتل داراً في طاعتك,وارد شيراً جاهد ملوك الطوائف لخروجهم عن جماعتك,والضحاك استدعى مسالمتك,وجديمة الأبرش تمنى منادمتك,وشيرين نافست بوران فيك,وبلقيس غايرت الزباء فيك,وأن مالك بن نويرة إنما ردف لك,وعروة بن جعفر إنما رحل إليك,وكليب بن ربيعة إنما حمى المرعى بعزتك,وجساسا أنما قتله بأنفتك,ومهلهلا إنما طلب ثأره بهمتك,والسموءل إنما وفي عن عهدك,والأحنف إنما احتبى في بردك, وحاتم الطائي إنما جاد بوفرك,ولقي الاضياف ببشرك,وزيد بن المهلهل إنما ركب بفخذيك,والسليك ابن السلكة إنما عدا على رجليك, وعامر بن مالك إنما لاعب الأسنة بيديك,وقيس بن زهير إنما استعان بدهائك,وإياس بن معاوية إنما استضاء بمصباح ذكائك,وسبحان إنما تم بلسانك,وان الصلح بين بكر وتغلب إنما تم برسالتك,وان الحجاج تقلد ولاية الشام بجدك ,وقتيبة إنما فتح ما وراء النهار بسعدك,وافلاطون اورد على ارسطا طاليس ما نقل عنك,وبطليموس سوى الإسطرلاب بتدبيرك,وصور الكرة على تقديرك, وسقراط علم العلل بلطف حسك,وأظهرت جابر ابن حيان على سر الكيمياء,وانك لو شئت خرقت العادات,وخالفت المعهودات,فأحلت البحار عذبة ,واعدت السلام رطبة,ونقلت غدا فصار أمسا,وزدت في العناصر فكانت خمسا, وانك المقول فيه(كل الصيد في جوف الفرا):
وليس على الله بمستنكرٍ...........أن يجمع العالم في واحد
والمغني بقول أبي تمام:
فلو صورت نفسك لم تزدها..........على ما فيك من كرم الطباع
والمراد بقول المتنبي:
ذكر الأنام لنا فكانت قصيدةً.............كنت البديع الفرد من أبياتها
فكدمت من غير مكدم,واستسمنت ذو ورم,ونفخت في غير ضرم,ولم تجد لرمح مهزاً, ولا لشفرة محزا,بل رضيت من الغنيمة بالإياب, وتمنيت الرجوع بخفي حنين,لاني قد قلت فيك
(لقد هان من بالت عليه الثعالب)
وأنشدت :
على أنها الأيام قد صرن كلها...........عجائب حتى ليس فيها عجائب
ونخرت وكفرت,وعبست وبسرت,وأبدأت واعدت,وأبرقت وأرعدت
(وهممت ولم افعل وكدت وليتني)
ولولا أن للجوار ذمة وللضيافة حرمة,لكان الجواب في قذال الدمستق , والنعل حاضرة إن عادت العقرب,والعقوبة ممكنة ا ن أصر المذنب.
فالمعيدي تسمع به خير من أن تراه.
هجين القذال أرعن السبال,طويل العنق والعلاوة مفرط الحمق والغباوة جافي الطبع,سيء الإجابة والسمع,بغيض الهيئة,سخيف الذهاب والجيئة,ظاهر الوسواس منتن الأنفاس,كثير المعايب ,مشهور المثالب,كلامك تمتمة وحديثك غمغمة ,وبيانك فهفهة, وضحكك قهقهة,ومشيك هرولة,وغناك مسألة,ودينك زندقة,وعلمك مخرقة.
حتى أن باقلا موصوف بالبلاغة إذا قرن بك,وهبنقة مستحق الاسم العقل إذا أضيف إليك,وطويسا مأثور عنه يمن الطائر إذا قيس عليك,فوجودك عدم,والاغتباط بك ندم ,والخيبة منك ضفر,والجنة معك سقر.
كيف رأيت لؤمك لكرمي كفاءً,وضعتك لشرقي وفاءً!!واني جهلت إن الأشياء انما تنجذب إلى أشكالها, !!!!
وهلا علمت أن الشرق والغرب لا يجتمعان,وشعرت أن المؤمن والكافر لا يتقاربان,وقلت أن الخبيث والطيب لا يستويان,وتمثلت :
أيها المتنكح الثريا سهيلاً............عمرك الله كيف يلتقيان.
أيها الأمير إذا كنت قد فهمت الرسالة !!!!!! فأرجو أن لا تكون كالطائر الذي أخافه ظله .....
المرسل:محمد زواهرة